|
دِمَاءُكُمُ جِسْرٌ إِلَى
النَّصْرِ أَحْمَرُ
دِمَاءُكُم إِعْصَارُ عَزْم وَهِمَّةٍ بِهَا النَّفْسُ مِنْ أَوْهَامِهَا قَد تَحَرَّرَتْ سَقَيْتُمْ فِلِسْطِينَ الزَّكِيَ مِنَ الدِّمَا فَلِلَّهِ أَجْسَادٌ هُنَاكَ تَنَاثَرَتْ أَيَا أَيُّهَا الأَبْطَالُ أَنتُمْ رِجَالُهَا رُجُولَتُكُمْ أَطْفَالَ الأقْصَى حَقِيقَة حِجَارَتُكُم هَزَّتْ عُرُوشاً وَأَظْهَرَتْ أَيَا رُفَقَاءَ الدَّرْبِ يَا مَن تحَرَّرُوا أَتَيْتُمْ وَأَمْرُ الْمُسْلِمِينَ مُضَيَّعٌ عَلَى صَدْرِهِ يَجْثُوا صَلِيبٌ بِحَجْمِهِ أَتَيْتُمْ وَلاَ تَارِيخَ لاَ شَيْءَ عِندَنَا فَهَذِي بِلاَدِي لِلنَّصَارَى مُبَاحَةٌ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الْمُبَارَكِ حَوْلَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى إِلَى كُلِّ مَسْجِدٍ فَمَاذَا عَلَى مَن بِالْحُكُومَاتِ كُلِّهَا أَتَيْتُمْ وَلاَ تَارِيخَ لاَ شَيْءَ عِندَنَا هُوِيَاتُنَا أَوْطَانُنَا كُلُّ مَا لَنَا فَهَذِي بِلاَدِي لِلنَّصَارَى مُبَاحَةٌ فَأَيْقَظْتُمُ التَّارِيخَ بَعْدَ رُقَادِهِ فَهَذَا صَلاَحُ الدِّينِ يَحْمِلُ سَيْفَهُ فَعَادَتْ لَنَا حِطِّينُ بَعْدَ غِيَابِهَا وَذِي أُمَّةُ الإِسْلاَمِ جَاشَ ضّمِيرُهَا وَإِخْوَانُكُم فِي الشَّرْقِ شَدُّوا سُرُوجَهُمْ وَنَجْدٌ بِهَا هَبَّ الشَّبَابُ مُجَاهِدًا مُدَمِّرةً يَخْشَى أُولُوا الْبَأْسِ بَأْسَهَا تَشُقُّ عُبَابَ الْبَحْرِ يَحْدُوا مَسِيرَهَا إِلَى حَتْفِهَا تَسْعَى حَثِيثاً بِظلْفِهَا إِلَى زَوْرَقٍ يَلْهُوا بِهِ الْمَوْجُ يَخْتَفِي تُدَاعِبُهُ الأَمْوَاجُ فِي كُلِّ خِفَّةٍ فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ جَمْعُ مُحَمَّدٍ وَجَمْعٌ مِنَ الْكُفَّارِ جَيْشٌ يَقُودُهُم وَدَارَتْ رَحَى الْحَرْبِ الَّتِي لَمْ تَكُن سِوَى وَكَانَ مَعَ النَّصْرِ الْمُحَقَّقِ مَوْعِدٌ فَطَارَتْ رُؤُوسُ الْكُفْرِ فِي كُلِّ وِجْهَةٍ فَلَوْ شَهِدَتْ عَيْنَاكَ مِن ذَاكَ مَنظَرًا فَهَلْ سَمِعَ التَّارِيخُ عَن مِثْلِ صَحْبِنَا وَقَفْتُمْ وَمَا فِي الْمَوْتِ شَكٌّ لِوَاقِفٍ شَفَيْتُمْ صُدُورَ الْمُؤْمِنِينَ وَأُمَّةٍ لَمَسْتُمْ أَمَانِينَا فَصَارَتْ حَقَائِقاً رَفَعْتُمْ لِدِينِ اللهِ أَرْفَعَ رَايَةٍ أَقُولُ لِمَن يَبْكِي مِنَ الْحُزْنِ مُشْفِقًا أَحَقُّ بِهَذَا الدَّمْعِ مَنْ عَاشَ عُمْرَهُ عَلَى هَامِشِ الأَحْدَاثِ عَاشُوا حَيَاتَهُمْ وَمَن أَخْلَدُوا لِلأَرْضِ وَاسْتَسْلَمُوا لَهَا فَبَعْضُ مِنَ الأَحْيَاءِ فِي الْقَبْرِ مَيِّتٌ يَظُنُّكُمُ الْجُهَّالُ متم وَأَنتُمُ كَفَى ذِكْرُكُمْ أَنَّ الْمَحَامِدَ وَالْعُلاَ رِفَاقُكُمُ مِن بعْدِكُمْ لَمْ تَلِن لَهُمْ يَخُوضُونَ بَحْرَ الْمَوْتِ لاَ يَرْهَبُونَهُ يُمِيتُونَ غَيْظاً خَصْمَهُمْ كُلَّ لَحْظَةٍ سَبِيلُهُمُ وَعْرٌ وَصَعْبٌ سُلُوكُهُ سَبِيلٌ لإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ سَبِيلُهُم أَوِ الْمَوْتُ دُونَ الدِّينِ وَالْعِرْضِ وَالْحِمَا أَهَالِي فِلِسْطِينَ احْتَسَوْا أَكْؤَسَ الشَّجَا أَتَقْعُدُ لاَ الْحُكَّامُ ذَادُوا عَنِ الْحِمَى أَتَقْعُدُ لاَ التُّجَّارُ أَدَّوْا زَكَاتَهُمْ أَتَقْعُدُ لاَ الأَبْطَالُ رَصُّوا صُفُوفَهُمْ أَتَقْعُدُ لاَ الأَشْبَالُ دَاوَوْا جِرَاحَهُم فَأَيْنَ بَنُو الإِسْلاَمِ إِذْ حَمِيَ الْوَغَى وَلَيْسَ بَنُوا الإِسْلاَمِ إِلاَّ نَجَاِئبٌ وَلَكِنَّهُمْ رَغْمَ الْجِرَاحِ يَقِينُهُم وَأَنَّ حُلُولَ الْخَائِنِينَ جَمِيعَهَا وَقَدْ أَقْسَمُوا بِاللهِ أَنَّ جِهَادَهُمْ |
وَبَوابَةٌ مِنْهَا
إِلَى الْخُلْدِ يُعْبَرُ
وَنَارٌ عَلَى أَعْدَائِنَا تَتَسَعَّرُ وَسَوْفَ بِهَا الأَقْصَى غَدًا يَتَحَرَّرُ فَلَمْ تَبْخَلُوا كَلاَّ وَلَمْ تَتَأَخَّرُوا تَشُعُّ ضِيَاءً كَالضُّحَى حِينَ يُسْفِرُ وَكَم مِن صَغِيرِ السِّنِّ بِالْفِعْلِ يَكْبرُ وَبَعْضُ رُجُولاَتِ الرِّجَالِ مُزَوَّرُ حَقَائِقَ مَا كَانَتْ لَنَا سَوْفَ تَظْهَرُ مِنَ الأَرْضِ وَالدُّنْيَا فَشَدُّوا وَكَبَّرُوا خَلِيفَتُهُمْ فِي دِينِهِ يَتَنَصَّرُ وَفِي حُكْمِهِ لِلنَّاسِ يَبْغِي وَيَجْهَرُ وَأَوْضَاعُنَا فِي بَعْضِهَا تَتَعَثَّرُ عُقُولُ بَنِينَا لِلْيَهُودِ تُجَيَّرُ إِلَى الْكَعْبَةِ الْغَرَّ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ فَإِنَّ جُيُوشَ الْكُفْرِ تَنْهَى وَتَأْمُرُ وَحُكَّامِهَا أَمْسَى يَثُورُ وَيَكْفُرُ وَأَوْضَاعُنَا فِي بَعْضِهَا تَتَعَثَّرُ عَنَاوِينُنَا أَسْمَاؤُنَا تَتَغَيَّرُ عُقُولُ بَنِينَا لِلْيَهُودِ تُجَيَّرُ فَعَادَ إِلَى أَمْجَادِهِ يَتَذَكَّرُ تَسِيلُ دِمَاءُ الْكُفْرِ مِنْهُ وَتَقْطُرُ وَعَادَتْ إِلَى الأَذْهَانِ بَدْرٌ وَخَيْبَرُ قَدِ انتَفَضَت تسْعَى تَثُورُ وَتَثْأَرُ وَكَابُلَ شَدَّتْ وَالنَّجَائِبُ ضُمَّرُ وَفِي عَدَنٍ هَبُّوا وَشَدُّوا وَدَمَّرُوا تَزِيدُكَ رُعْبًا حِينَ تَرْسُوا وَتُبْحِرُ غُرُورٌ وَزَهْوٌ وَاقْتِدَارٌ مُزَوَّرُ بِوَهْمٍ كَبِيرٍ كَاذِبٍ تَتَدَثَّرُ مَعَ الْمَوْجِ حِيناً ثُمَّ يَبْدُو وَيَظْهَرُ وَرُبَّ خَفِيفٍ مِنْهُ يُخْشَى وَيُحْذَرُ شَهِيدَانِ بِاسْمِ اللهِ هَبُّوا وَكَبَّرُوا بِحِقْدٍ صَلِيبِيِّ الْمَنَابِعِ قَيْصَرُ ثَوَانِيَ رُعْبٍ بلْ أَقَلُّ وَأّقْصَرُ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ لاَ وَلَمْ يَتَأَخَّرُ وَأَشْلاَؤُهَا مِنْ حَوْلِهَا تَتَبَعْثَرُ تَقِرُّ بِهِ أَوْ أَسْعَدَ الْقَلْبَ مَنظَرُ وَهَلْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاهُ أَوْ سَوْفَ تُبْصِرُ وَحَطَّمْتُمُ الأَوْهَامَ وَالْوَهْمُ يُكْسَرُ علَى عَتَبَاتِ الْكُفْرِ تُسْبَى وَتُنْحَرُ وَمِثْلُ أَمَانِينَا يَعِزُّ وَيَندُرُ شِعَارُكُمُ التَّوْحِيدُ وَالله أَكْبَرُ عَلَيْكُم بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَالْعَيْنُ تُمْطِرُ ذَلِيلاً بِكَأْسِ الذُّلِّ يَصْحَى وَيسْكَرُ كَأَن لمْ يَكُن عُرْفٌ وَلاَ كَانَ مُنكَرُ عَلَى هَؤُلاَءِ الْحُزْنُ أَوْلَى وَأَجْدَرُ وَبَعْضٌ مِنَ الأَمْوَاتِ حَيٌّ يُكَبِّرُ زَوَارِقُكُمْ فِي اللهِ تَرْسُوا وَتُبْحِرُ إِذَا مَا ذُكِرْتُمْ كُلُّهَا سَوْفَ تُذْكَرُ قَنَاةٌ وَلاَ سَيْفٌ وَلاَ لاَنَ خِنجَرُ وَمَن لاَ يَخَافُ الْمَوْتَ لاَ شَيْءَ يَرْهَبُ مِرَارًا وَشَرُّ الْمَوْتِ مَا يَتَكَرَّرُ وَفِيهِ الضَّحَايَا وَالْعَقَابِيلُ تَكْثرُ سَبِيلُهُمُ فَتْحٌ وَنَصْرٌ مُؤَزَّرُ وَمَن مَاتَ يَسْعَى لِلْمَكَارِمِ يُعْذَرُ وَجُرْحٌ حِجَازٍ فِيكَ مَا عَادَ يَضْمُرُ كَبِيرُهُمُ لِلْكُفْرِ يَسْعَى وَيَنصُرُ لِتَجْهِيزِ جَيْشٍ لِلصَّنَادِيدِ يَزْخَرُ وَلاَ الْقُدْسَ مِنْ أَيْدِي الْمُغِيرِينَ حَرَّرُوا وَلاَ جُثَثَ الأَطْفَالِ لَفُّوا وَدَثَّرُوا فَهَلاَّ اسْتَجَابُوا لِلإِلَهَ وَشَمَّرُوا لِفَقْدِكَ أَضْنَتْهَا الْمُصِيبَةُ ضُمَّرُ بِعَوْدَةِ أَمْجَادِ الْخِلاَفَةِ يَكْبُرُ هَبَاءٌ عَلَى دَرْبِ الْجِهَادِ يبَُعْثرُ سَيَمْضِى وَلَوْ كِسْرَى تَحَدَّى وَقَيْصَرُ |
الذنوب جراحات
نشرت بواسطة:Unknown 9:57 ص في لاتوجد تعليقات
ما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن
الله، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، وإذا قسا القلب قحطت العين.
وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة
: الأكل، والنوم، والكلام، والمخالطة.
واعلم أن الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما
توجبه الشهوة ،
فإن الشهوة :
- إما أن توجب ألماً وعقوبة..
- وإما أن تقطع لذة أكمل منها..
- وإما أن تُضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة ..
-وإما أن تـثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من
ثلمه..
- وإما أن تذهب مالاً بقاؤه خيراً من ذهابه..
-وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خيراً من وضعه..
-وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء
الشهوة ..
-وإما أن تُطرّق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها
قبل ذلك..
-وإما أن تجلب همّاً وغمّاً وحزناً وخوفاً لا
يقارب لذة الشهوة ..
-وإما أن تنسي علماً ذكره ألذ من نيل الشهوة ..
-وإما أن تشمت عدواً وتحزن ولياً..
-وإما أن تقطع الطريق على نعمة مُقبلة..
-وإما أن تحدث عيـباً يبقى صفة لا تزول،فإن
الأعمال تورث الصفات والأخلاق.
فسبحان الله رب العالمين ،لو لم يكن في ترك
الذنوب والمعاصي إلا: إقامة المروءة ، وصون العرض ، وحفظ الجاه ، وصيانة المال
الذي جعله الله قواماً لمصالح الدنيا والآخرة ، وصحة الخلق ، وراحة البدن ، وقوة
القلب ، وطيب النفس ، وانشراح الصدر ، وقلة الهم والغم والحزن ، وصون نور القلب أن
تطفئه ظلمة المعصية … لكفى بذلك باعثاً له على ترك الذنوب والمعاصي…
أصول الخطايا ثلاث:
* الكبر: وهو الذي أصار إبليس إلى ما صار.
* الحرص: وهو الذي أخرج آدم من الجنة .
* الحسد: وهو الذي جرّأ أحد ابني آدم على
قتل أخيه..
فمن وُقي شر هذه الثلاثة فقد وُقي الشر كله.
فالكفر من الكبر ، والمعاصي من الحرص ، البغي
والظلم من الحسد.
ومن فوائده أيضاً:
* من فقد أنسه بالله بين الناس ووجده في
الوحدة فهو صادق ضعيف
* ومن وجده بين الناس وفقده في الوحدة فهو
معلول
* ومن فقده بين الناس وفي الخلوة فهو ميت
مطرود
* ومن وجده في الخلوة وفي الناس فهو المحب
الصادق القوي.
ويقول :
لما طلب آدم الخلود في الجنة من جانب الشجرة عوقب
بالخروج منها…
ولما طلب يوسف عليه السلام الخروج من السجن من
جهة صاحب الرؤيا، لبث فيه بضع سنين.
أصول المعاصي كلها كبارها وصغارها ثلاث:
* تعلق القلب بغير الله.
* طاعة القوة الغضبية.
* طاعة القوة الشهوانية.
فغاية التعلق بغير الله شرك ، وغاية طاعة القوة
الغضبية القتل،وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا.
ولهذا جمع الله بينها في قوله تعالى : (والذين لا
يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون).
ويقول :
|
فحي هلا إن كنت ذا همة فقد
|
|
حدا بك حادي الشوق فاطوِ المراحلا
|
|
وقل لمنادي حبـهم ورضاهم
|
|
إذا ما دعا : لبيك ؛ ألفاً كوامـلا
|
|
ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن
|
|
نظرت إلى الأطلال عُدْن حوائلا
|
|
ولا تنتظر بالسـير رفقة قاعد
|
|
ودعه ، فإن الشوق يكفيك حاملا
|
|
وخذ قبسا من نورهم ثم سر به
|
|
فنورهمُ يهديك ليس المشـاعلا
|
|
وخذ يمنة عنها على المنهج الذي
|
|
عليه سـرى وفد المحبـّة آهلا
|
|
وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة
|
|
فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا
|
|
فما هي إلا سـاعة ثم تنقضي
|
|
ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذل
|
حِكَم :
ينسب لعمر الفاروق بضع عشرة كلمة حكمٌ كلها ،
منها : -
* ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع
الله فيه .
* ولا تظنّن بكلمة خرجت من مسلم شرا وأنت
تجد لها في الخير محملاً .
* ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن من أساء
به الظن .
* ومن كتم سره كانت الخيرة في يده .
* وعليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم
فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء.
* ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغلاً
عما لم يكن .
* ولا تطلبنّ حاجتك إلى من لا يحب نجاحها
لك .
* وذل عند الطاعة .
* واستعصم عند المعصية .
* واستشر في أمرك الذين يخشون الله فإن الله تعالى
يقول : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ).
أخرجه الخطيب البغدادي وابن عساكر وانظر الكنز (8
/ 235)
وقال بعض الحكماء :
* إذا أراد الله بعبده خيراً .. أطعمه الطاعة
وألزمه القناعة . وفقهه في الدين وعضده باليقين .. فاكتفى بالكفاف واكتسى بالعفاف
.
* وإذا أراد به شراً : حبب إليه المال ،
وبسطَ منه الآمال وشغله بدنياه ووكله هواه . فركب الفساد وظلم العباد .
* من نظر في العواقب سلم من النوائب ..
* ومن أسرع في الجواب أخطأ في الصواب ..
* ومن ضعفت آراؤه قويت أعداؤه .
* ومن أعجبته آراؤه غلبته أعداؤه .
وقال إبراهيم الخواص : دواء القلوب في خمسة أشياء
:
* قراءة القرآن بالتدبر .
* وخلاء البطن .
* وقيام الليل.
* والتضرع
عند السحر .
* ومجالسة الصالحين .
لماذا نرفض العلمانية؟؟؟؟؟
نشرت بواسطة:Unknown 9:16 ص في لاتوجد تعليقات
لماذا نرفض العلمانية
؟
لقد ظهر مصداق قول رســول الله -صلى الله عليه وسلم- : "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء" رواه مسلم ، وأصـبـح واقع الأمة الإسلامية يقرر أن غربة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأسرة ياسر، وبلال وغيرهم، قد عادت للذين يقولون : ربنا الله ، لا قيصر ، والحاكـمـيـة لله ، لا للبشر،... وغـابـت رايــة الإســلام عــن أرض الإســلام وحكمتها نظم علمانية لا دينية، حتى أصبحت الدعوة إلى أن يكون الإسلام بكتابه الكريم ، وسـنـة رســولـه الأمـيـن - صلى الله عليه وسلم - أساس الحكم ، جريمة في أكثر دول العالم (الإسلامي) تحاكم علـيـهـا قوانين تلك البلاد بالإعدام بتهمة تغيير شكل النظام؟!.
ولقد كان مما ساعد على استقرار تلك الأوضاع غياب الكثير من حقائق الإسلام وبديهياته، ومن أظهرها أن وجوب الحكم بـمـا أنــزل الله عقـيــدة لا يكـون المسلم مسلماً إذا تخلى عنها، وأن التشريع بغير ما أنزل الله ، والرضى بشرع غير شــرع الله هـو شرك مخرج من الملة .
ولـما كان بيان الحق وإبلاغه للخلق أمانة في عنق كل من علم شيئاً من حقيقة هذا الدين ، فقد كتبت هذه المقالة :
بياناً لحقيقة العلمانية ، بكشف المخبوء من حقيقتها، وتعرية المستتر من أسرارها ، وإضاءة الـمـنـاطــق المعتمة في حركة العلمانيين ودعوة للنجاة في الدنيا والآخرة ، بقبول شرع الله، ونـبذ كل شريعة يقوم عليها علمانيون يقفون في طريق الإسلام والتوحيد الخالص ، وكأنهم أرباب زائفون . وليكون ذلك ميلاداً جديداً للفرد المسلم والأمة المسلمة ، الأمة التي تحمل رسالتها إلى كل البشرية بالنجاة من الشرك... تلك الرسالة التي عبر عنها في بساطة ربعي بن عامر رسول قائد المسلمين إلى رستم قائد الفرس ، هذا يسأله ما الذي جاء بكم ؟ فيجيب للتو واللحظة:... الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده.
أولاً : العلمانية... وحكم الجاهلية
:حاول اعداء الإسلام القضاء على
الإسلام عن طريق نشر الإلحاد... وفشلوا..وحاولوا صرف الناس عـن الإســلام
عـن طـريـق الشـيـوعـيـة.. وفـشـلـوا .. وأحس الأعداء اليأس من هذا
الدين..ولكنهم، بـعـد التـفـكـر والـتـدبـير، لجأوا إلى طريقة أخبث (لجأوا
إلى إقامة أنظمة وأوضاع تتزيا بزي الإسلام ، وتتمسح في العقيدة ، ولا تنكر
الدين جملة ، بل تعلن إيمانها به إيماناً نظرياً واحترامها له كعقيدة فـي
الحنايا ، وشعائر تؤدى في المساجد،..أما ما وراء ذلك من شؤون الحياة فمرده
- بزعمهم - إلـى إرادة الأمــة الـحــرة الطليقة التي لا تقبل
سلطاناً عليها من أحد!!!
ولما كانت حقيقة العلمانية قـد تخفــى عـلى كثير من المسلمين ، فإنه من واجبنا أن نفضح هذه العلمانية عبر نظرة نلقيها عليها لنتبين من خلالها ما هي العلمانية ؟ وكيف نشأت ؟ لمن حق التشريع المطلق في نظمها ؟ وما هي الشريعة التي تحمل الأمة على التحاكم إليها ؟1- العلمانية.. التعريف والنشأة :لـفـظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة secularism في الإنجليزية ، أو secularite بالفـرنـسـيـة، وهي كـلـمــة لا صـلـة لـهـا بلفظ العلم ومشتقاته على الإطلاق... والترجمة الصحيحة للكلمة هي اللادينية أو الدنيوية، لا بـمـعـنــى مــا يقابل الأخروية فحسب بل بمعنى أخص هو ما لا صلة له بالدين ، أو ما كانت صلته بالدين علاقة تضاد ..
وفي دائرة المعارف البريطانية مادة secularism : هي حـركــة اجـتـمـاعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحــدهـا ولذلك فإن المدلول الصحيح لكلمة (العلمانية) هو: فصل الدين عن الدولة أو هو: إقامــة الحـيــاة على غير الدين ، سواء بالنسبة للأمة أو الفرد ، ثم تختلف الدول أو الأفراد في موقفها من الدين بمفهومه الضيق المحدود ، فبعضها تسمح به ،...وتسمى العلمانية المعتدلة، فهي - بزعـمـهــم - لا ديـنـيـة ولكنها غير معادية للدين ، وذلك في مقابل المجتمعات الأخرى المضادة للدين... وبدهيّ أنه لا فرق في الإسلام بين المسمين ، فكل ما ليس دينياً من المبادئ والتطبيقات فهو فـي حقـيقـته مـضـاد للدين ، فالإسلام واللادينية نقيضان لا يجتمعان ولا واسطة بينهما وإذن فالعلمانية دولـة لا تقــوم عـلـى الـدين ، بل هي دولة لا دينية ، تعزل الدين عن التأثير في الدنيا ، وتحمل الأمة على قيادتها للـدنيـا فـي جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية وغيرها بعيداً عــن أوامــر الدين ونواهيه .
والعلمانية دولة لا تقبل الدين إلا إذا كان علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه ، بحـيـث لا يكون لهذه العلاقة أي تأثير في أقواله وأفعاله وشؤون حياته.
"ولا شــك أن هذا المفهوم الغربي العلماني للدين على أنه علاقة خاصة بين العبد والرب ، محلها القلب ، ولا علاقة لها بواقع الحياة... جاء من مفهوم كنسي محرّف شعاره "أدَّ ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" ، من واقع عانته النصرانية خلال قرونها الثلاثة الأولى ، حين كانت مـضـطـهـدة مـطـاردة مـن قـبــل الامبراطورية الرومانية الوثنية فلم تتمكن من تطبيق شريعتها ، واكتفت بالعقيدة والشعائر الـتـعـبـديـة اضطراراً واعتبرت ذلك هو الدين ، وإن كانت لم تتجه إلى استكمال الدين حين صار للبابـويــة سلطان قاهر على الأباطرة والملوك، فظل دينها محرفاً لا يمثل الدين السماوي المنزل ، فلما جاءت العلمانية في العصر الحديث وجدت الطريق ممهداً ، ولم تجد كبير عناء في فصل الدين عن الدولة" وتثبيت الدين على صورته الهزيلة التي آل إليها في الغرب .
وإذن فـالـعـلـمانية : رد فعل خاطئ لدين محرّف وأوضاع خاطئة كذلك ، ونبات خرج من تربة خبيثة ونـتـاج سـيـئ لـظـروف غير طبيعية ، فلا شك أنه لم يكن حتماً على مجتمع ابتلي بدين محرف أن يخرج عنه ليكون مجتمعاً لا دينياً ، بل الافتراض الصحيح هو أن يبحث عن الدين الصحيح.. فإذا وجدنا مجتمعاً آخر يختلف في ظروفه عن المجتمع الذي تحدثنا عنه ، ومع ذلك يصر على أن يـنـتـج الـلادينية ويتصور أنـهـا حتم وضرورة فماذا نحكم عليه؟فقط نثبت السؤال ، ونترك - لا نقول لكل مسلم - بل لكل عاقل الإجابة عليه!
أمــا نـحـن فنكرر هنا أنه لا يوجد دين جاء من عند الله هو عقيدة فقط ، والدين الذي هو عقيدة فـقط "أو عقيدة وشعائر تعبدية، دون شريعة تحكم تصرفات الناس في هذه الأرض ، هو دين جاهلي مزيف لم ينزل من عند الله".
2- العلمانية..وحق التشريع المطلق :فـي مـسـلـسـل نـبـذ الشريعة الإسلامية ، وفصل الدين عن الحياة في دار الإسلام ، كانت الحلقة الأخيرة هي النص فـي دسـاتـيـر الدول في العالم الإسلامي على تقرير حق التشريع المطلق للأمة من دون ،الله ، ونصت بعـض الدساتير على اعتبار رئيس الدولة جزءاً أصيلاً من السلطة التشريعية . واكتفى البعض الآخــر بالـنـص على الحقوق التي يمارسها رئيس الدولة في مجال التشريع وهي حق الاقتراح ، وحق الاعـتـراض أو الـتـصـديـق. فالأنظمة العلمانية تقر بالسيادة المطلقة للأمة، وتنص في دساتيرها على أن القانون هــو التعـبـير عن إرادتها المطلقة... فالأمة - بزعمهم - هي التي تقرر الشرائع التي تحكم بها، وحقـهـا في ذلك بلا حدود!!
ولا شــك في أن هذا في حقيقته هو الإقرار بحق التشريع المطلق للأمة لا ينازعها فيه منازع ولا يـشـاركهــا فـيه شريك.. فما تحله هو الحلال وإن اجتمعت على حرمته كافة الشرائع السماوية، وما تحـرمــه هو الحرام وإن اتفق على حله كل دين جاء من عند الله. ذلك أن الأمة في الأنظمة العلمانـيـة هي مـصـدر الـتشـريع ، وما يصدر عنها هو القانون. "والقانون ليس بنصيحة ولكنه أمر، وهو ليس أمراً من أي أحــد، ولـكـنـه أمــر صــادر ممن يدان له بالطاعة ، وموجه إلى من تجب عليه تلك الطاعة".
وإذا كــان سـلـطـان الأمة يتجسد في السلطة التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية فإنه "لا يوجد قانون بالمعنى الصحيح إلا إذا صدر عن السلطة التشريعية في الحدود التي رسمها له الدستور ، وكلـتـا السلطتين التشريعية والقضائية بهذا الاعتبار مشتركتان في الخضوع لسيد الكل..ألا وهو الدسـتـور..الذي يجب أن يحني الجميع أمامه رؤوسهم صاغرين..".
وتأمل معنى هذه الكلمـات ، وقل معي : رحم الله ابن تيمية... القائل : "إن الإنسان أمام طريقين لا ثالث لهما ، فإما أن يختار العبودية لله.. وإما أن يرفض هذه العبودية فيقع لا محالة في عبودية لغير الله".3- العلمانية.. والمصدر الرئيسي للتشريع :هناك شـبـهــة قد يشوش بها العلمانيون ، وهي أن بعض الدساتير العلمانية تنص على أن الشريعة الإســلامـيــة هي المصدر الرئيسي للتشريع.. مثل دستور مصر الذي جاء في مادته الثانية: أن الشريعة الإســلامـيـة هي المصدر الرئيسي للتشريع... ونحن نقول في الرد على هذه الشبهة : - إننا لا نحكم إلا بـمـا نـعـلــم ، ولا نجزم إلا بما نرى المحاكم الوضعية تمارسه صباح مساء،.. فهذه المحاكم لا تزال ملــزمة قانوناً بتطبيق القوانين الوضعية، ولا يزال القضاة في هذه المحاكم غير قادرين بأي حــال مــن الأحــوال عـلـى تطبيق الشريعة الإسلامية .
فـفـي قـضـيـة اغتيال السادات أسس الدفاع عمله على الدفع بعدم الدستورية لأن نصوص القوانين مخالـفــة لأحـكـام الـشـريعة الإسلامية التي تعتبر المصدر الرئيسي للتشريع وفقاً لأحكام المادة الثانية من الدستور الـصـادر عـام 1971 ، والمعدلة عام 1980.. فماذا قالت المحاكمة في ردها على ذلك ؟
جاء في رد المحاكمة : ".. رداً على هذا الدفع ، فإن المحكمة تشير بادئ ذي بدء إلى ما هو مستقر من أن قواعد التفسير للنصوص تأبى تأويل النص أو تحميله أكثر مما يحتمل إذا كــان واضـحــاً لغوياً فعبارة (المصدر الرئيسي للتشريع) لا تمنع لغوياً وجود مصادر أخرى للتشريع ، وهو نـفــس مـفـاد النص قبل تعديله". أرأيتم..إن المحكمة تؤكد أن العبارة شركية ، وأنها تنص على وجود مصادر أخرى غير الشريعة الإسلامية .ولماذا نذهب بعيداً ؟ لقد حــدث بالفـعل أن حكم قاضٍ بالجلد في جريمة سكر، متأولاً هذه المادة من الدستور... فماذا كانت النتيجة ؟
لقد أُبِطل حكمه ، وأقصي عن القضاء . وكان مما ذكره رئيس محكمة الاستئناف في أسباب بطلان هذا الحكم ما يلي :1- إن من قـضــى بـذلك فـقـد حنث في يمينه القضائي الذي أقسم فيه على الحكم بالعدل واحترام القوانين،... والعـدل كـما يقــول رئـيـس محكـمـة الاستئناف : يعـنـي أن يقضي القاضي في الواقع المعروض بالعقوبة الملائمة في حدود القانون المطبق.. ثم يضيف قـائـلاً : فـقـضـاء المحـكـمة بقانون آخر غير القوانين المطبقة في ذلك حنث باليمين ، فما بالك بمن طبق أو يخترع قانوناً يعلم أنه غير معمول به!!2-...وجنائياً لا يجوز ، ولا يقبل من القاضي أن يجرم فعلاً لا ينص القانون على اعتباره جريمة، ولا يجوز له ولا يقبل منه أن يقضي بعقوبة لم ينص القانون عليها .3- إن مصدر هذا القانون لم يعرف شيئاً عن علم العقاب ، فقد (شدد) الـمـشـرّع الوضعي في العقـوبـة وجعلها ستة أشهر حماية للمجتمع، وهذا أحفظ من مجرد الجلد ثمـانـين جلدة.
أرأيت - أخي الـمـسـلم - إن هذه العلمانية ترى أن التشريع الوضعي أحفظ لأمن المجتمع من الشريعة الإسلامية .. وأن القاضي الذي حكم بالجلد لم يعرف شيئاً عن علم العقاب.. وهكذا.. وكأن القوم يقـولون إن الله - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً -لا يعرف شيئاً من علم العقاب عندما أكتفى بمجرد الجلد على السكر... سبحانك هذا بهتان عظيم .
ومن الذي يجرؤ على ادعـــاء أنه يشرع للناس ، ويحكم فيهم خيراً مما يشرع لهم ويحكم فيهم ربهم سبحانه؟ وأية حجة يملك أن يسوقها بين يدي هذا الادعاء العريض ؟.. أيستطيع أن يقول إنه أعلم بالناس من خالق الناس؟ أيستطيع أن يقول : إنه أرحم بالناس من رب الناس ؟ أيستطيع أن يقول : إنه أعرف بالناس ومصالح الناس من إله الناس ؟... أيستطيع أن يقول : إن الله سبحانه وهو يشرع شريعته الأخيرة، ويرســل رسـوله الأخير، ويجعل رسوله خاتم النبيين ، ويجعل رسالته خاتمة الرسالات ويجعل شريعـتـه شـريـعـة الأبد ، كأنه سبحانه يجهل أن أحوالاً سـتطرأ، وأن حاجات ستجد وأن ملابسات ستقع، فـلـم يحـسـب حسابها في شريعته لأنها كانت خافية عليه ، حتى انكشفت للناس في آخر الزمان!!! ما الذي يستطيع أن يقوله... وبخاصة إذا كان يدعي الإسلام؟
إنه مفرق الطريق ، الذي لا معدي عنه من الاختيار..
إما إسلام ، وإما جاهلية... إما حكم الله ، وإما حكم الجاهلية..
وهذه العلمانية التي وصفنا حالها ، ورأينا واقعها ليست يقيناً حكم الله القائم على الكتاب والسنة... فماذا تكون إلا حكم الجاهلية؟ قال تعالى:
((أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ))
فجعل الله الحـكـم حـكـمـيـن لا ثـالـث لهما : حكم الله... وهو الحكم القائم على الكتاب والسنة،.. وحكم الجاهلية.. وهو ما خالف ذلك
إذن فالعلمانية هي...حكم الجاهلية .
سلطاناً عليها من أحد!!!
ولما كانت حقيقة العلمانية قـد تخفــى عـلى كثير من المسلمين ، فإنه من واجبنا أن نفضح هذه العلمانية عبر نظرة نلقيها عليها لنتبين من خلالها ما هي العلمانية ؟ وكيف نشأت ؟ لمن حق التشريع المطلق في نظمها ؟ وما هي الشريعة التي تحمل الأمة على التحاكم إليها ؟1- العلمانية.. التعريف والنشأة :لـفـظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة secularism في الإنجليزية ، أو secularite بالفـرنـسـيـة، وهي كـلـمــة لا صـلـة لـهـا بلفظ العلم ومشتقاته على الإطلاق... والترجمة الصحيحة للكلمة هي اللادينية أو الدنيوية، لا بـمـعـنــى مــا يقابل الأخروية فحسب بل بمعنى أخص هو ما لا صلة له بالدين ، أو ما كانت صلته بالدين علاقة تضاد ..
وفي دائرة المعارف البريطانية مادة secularism : هي حـركــة اجـتـمـاعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحــدهـا ولذلك فإن المدلول الصحيح لكلمة (العلمانية) هو: فصل الدين عن الدولة أو هو: إقامــة الحـيــاة على غير الدين ، سواء بالنسبة للأمة أو الفرد ، ثم تختلف الدول أو الأفراد في موقفها من الدين بمفهومه الضيق المحدود ، فبعضها تسمح به ،...وتسمى العلمانية المعتدلة، فهي - بزعـمـهــم - لا ديـنـيـة ولكنها غير معادية للدين ، وذلك في مقابل المجتمعات الأخرى المضادة للدين... وبدهيّ أنه لا فرق في الإسلام بين المسمين ، فكل ما ليس دينياً من المبادئ والتطبيقات فهو فـي حقـيقـته مـضـاد للدين ، فالإسلام واللادينية نقيضان لا يجتمعان ولا واسطة بينهما وإذن فالعلمانية دولـة لا تقــوم عـلـى الـدين ، بل هي دولة لا دينية ، تعزل الدين عن التأثير في الدنيا ، وتحمل الأمة على قيادتها للـدنيـا فـي جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية وغيرها بعيداً عــن أوامــر الدين ونواهيه .
والعلمانية دولة لا تقبل الدين إلا إذا كان علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه ، بحـيـث لا يكون لهذه العلاقة أي تأثير في أقواله وأفعاله وشؤون حياته.
"ولا شــك أن هذا المفهوم الغربي العلماني للدين على أنه علاقة خاصة بين العبد والرب ، محلها القلب ، ولا علاقة لها بواقع الحياة... جاء من مفهوم كنسي محرّف شعاره "أدَّ ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" ، من واقع عانته النصرانية خلال قرونها الثلاثة الأولى ، حين كانت مـضـطـهـدة مـطـاردة مـن قـبــل الامبراطورية الرومانية الوثنية فلم تتمكن من تطبيق شريعتها ، واكتفت بالعقيدة والشعائر الـتـعـبـديـة اضطراراً واعتبرت ذلك هو الدين ، وإن كانت لم تتجه إلى استكمال الدين حين صار للبابـويــة سلطان قاهر على الأباطرة والملوك، فظل دينها محرفاً لا يمثل الدين السماوي المنزل ، فلما جاءت العلمانية في العصر الحديث وجدت الطريق ممهداً ، ولم تجد كبير عناء في فصل الدين عن الدولة" وتثبيت الدين على صورته الهزيلة التي آل إليها في الغرب .
وإذن فـالـعـلـمانية : رد فعل خاطئ لدين محرّف وأوضاع خاطئة كذلك ، ونبات خرج من تربة خبيثة ونـتـاج سـيـئ لـظـروف غير طبيعية ، فلا شك أنه لم يكن حتماً على مجتمع ابتلي بدين محرف أن يخرج عنه ليكون مجتمعاً لا دينياً ، بل الافتراض الصحيح هو أن يبحث عن الدين الصحيح.. فإذا وجدنا مجتمعاً آخر يختلف في ظروفه عن المجتمع الذي تحدثنا عنه ، ومع ذلك يصر على أن يـنـتـج الـلادينية ويتصور أنـهـا حتم وضرورة فماذا نحكم عليه؟فقط نثبت السؤال ، ونترك - لا نقول لكل مسلم - بل لكل عاقل الإجابة عليه!
أمــا نـحـن فنكرر هنا أنه لا يوجد دين جاء من عند الله هو عقيدة فقط ، والدين الذي هو عقيدة فـقط "أو عقيدة وشعائر تعبدية، دون شريعة تحكم تصرفات الناس في هذه الأرض ، هو دين جاهلي مزيف لم ينزل من عند الله".
2- العلمانية..وحق التشريع المطلق :فـي مـسـلـسـل نـبـذ الشريعة الإسلامية ، وفصل الدين عن الحياة في دار الإسلام ، كانت الحلقة الأخيرة هي النص فـي دسـاتـيـر الدول في العالم الإسلامي على تقرير حق التشريع المطلق للأمة من دون ،الله ، ونصت بعـض الدساتير على اعتبار رئيس الدولة جزءاً أصيلاً من السلطة التشريعية . واكتفى البعض الآخــر بالـنـص على الحقوق التي يمارسها رئيس الدولة في مجال التشريع وهي حق الاقتراح ، وحق الاعـتـراض أو الـتـصـديـق. فالأنظمة العلمانية تقر بالسيادة المطلقة للأمة، وتنص في دساتيرها على أن القانون هــو التعـبـير عن إرادتها المطلقة... فالأمة - بزعمهم - هي التي تقرر الشرائع التي تحكم بها، وحقـهـا في ذلك بلا حدود!!
ولا شــك في أن هذا في حقيقته هو الإقرار بحق التشريع المطلق للأمة لا ينازعها فيه منازع ولا يـشـاركهــا فـيه شريك.. فما تحله هو الحلال وإن اجتمعت على حرمته كافة الشرائع السماوية، وما تحـرمــه هو الحرام وإن اتفق على حله كل دين جاء من عند الله. ذلك أن الأمة في الأنظمة العلمانـيـة هي مـصـدر الـتشـريع ، وما يصدر عنها هو القانون. "والقانون ليس بنصيحة ولكنه أمر، وهو ليس أمراً من أي أحــد، ولـكـنـه أمــر صــادر ممن يدان له بالطاعة ، وموجه إلى من تجب عليه تلك الطاعة".
وإذا كــان سـلـطـان الأمة يتجسد في السلطة التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية فإنه "لا يوجد قانون بالمعنى الصحيح إلا إذا صدر عن السلطة التشريعية في الحدود التي رسمها له الدستور ، وكلـتـا السلطتين التشريعية والقضائية بهذا الاعتبار مشتركتان في الخضوع لسيد الكل..ألا وهو الدسـتـور..الذي يجب أن يحني الجميع أمامه رؤوسهم صاغرين..".
وتأمل معنى هذه الكلمـات ، وقل معي : رحم الله ابن تيمية... القائل : "إن الإنسان أمام طريقين لا ثالث لهما ، فإما أن يختار العبودية لله.. وإما أن يرفض هذه العبودية فيقع لا محالة في عبودية لغير الله".3- العلمانية.. والمصدر الرئيسي للتشريع :هناك شـبـهــة قد يشوش بها العلمانيون ، وهي أن بعض الدساتير العلمانية تنص على أن الشريعة الإســلامـيــة هي المصدر الرئيسي للتشريع.. مثل دستور مصر الذي جاء في مادته الثانية: أن الشريعة الإســلامـيـة هي المصدر الرئيسي للتشريع... ونحن نقول في الرد على هذه الشبهة : - إننا لا نحكم إلا بـمـا نـعـلــم ، ولا نجزم إلا بما نرى المحاكم الوضعية تمارسه صباح مساء،.. فهذه المحاكم لا تزال ملــزمة قانوناً بتطبيق القوانين الوضعية، ولا يزال القضاة في هذه المحاكم غير قادرين بأي حــال مــن الأحــوال عـلـى تطبيق الشريعة الإسلامية .
فـفـي قـضـيـة اغتيال السادات أسس الدفاع عمله على الدفع بعدم الدستورية لأن نصوص القوانين مخالـفــة لأحـكـام الـشـريعة الإسلامية التي تعتبر المصدر الرئيسي للتشريع وفقاً لأحكام المادة الثانية من الدستور الـصـادر عـام 1971 ، والمعدلة عام 1980.. فماذا قالت المحاكمة في ردها على ذلك ؟
جاء في رد المحاكمة : ".. رداً على هذا الدفع ، فإن المحكمة تشير بادئ ذي بدء إلى ما هو مستقر من أن قواعد التفسير للنصوص تأبى تأويل النص أو تحميله أكثر مما يحتمل إذا كــان واضـحــاً لغوياً فعبارة (المصدر الرئيسي للتشريع) لا تمنع لغوياً وجود مصادر أخرى للتشريع ، وهو نـفــس مـفـاد النص قبل تعديله". أرأيتم..إن المحكمة تؤكد أن العبارة شركية ، وأنها تنص على وجود مصادر أخرى غير الشريعة الإسلامية .ولماذا نذهب بعيداً ؟ لقد حــدث بالفـعل أن حكم قاضٍ بالجلد في جريمة سكر، متأولاً هذه المادة من الدستور... فماذا كانت النتيجة ؟
لقد أُبِطل حكمه ، وأقصي عن القضاء . وكان مما ذكره رئيس محكمة الاستئناف في أسباب بطلان هذا الحكم ما يلي :1- إن من قـضــى بـذلك فـقـد حنث في يمينه القضائي الذي أقسم فيه على الحكم بالعدل واحترام القوانين،... والعـدل كـما يقــول رئـيـس محكـمـة الاستئناف : يعـنـي أن يقضي القاضي في الواقع المعروض بالعقوبة الملائمة في حدود القانون المطبق.. ثم يضيف قـائـلاً : فـقـضـاء المحـكـمة بقانون آخر غير القوانين المطبقة في ذلك حنث باليمين ، فما بالك بمن طبق أو يخترع قانوناً يعلم أنه غير معمول به!!2-...وجنائياً لا يجوز ، ولا يقبل من القاضي أن يجرم فعلاً لا ينص القانون على اعتباره جريمة، ولا يجوز له ولا يقبل منه أن يقضي بعقوبة لم ينص القانون عليها .3- إن مصدر هذا القانون لم يعرف شيئاً عن علم العقاب ، فقد (شدد) الـمـشـرّع الوضعي في العقـوبـة وجعلها ستة أشهر حماية للمجتمع، وهذا أحفظ من مجرد الجلد ثمـانـين جلدة.
أرأيت - أخي الـمـسـلم - إن هذه العلمانية ترى أن التشريع الوضعي أحفظ لأمن المجتمع من الشريعة الإسلامية .. وأن القاضي الذي حكم بالجلد لم يعرف شيئاً عن علم العقاب.. وهكذا.. وكأن القوم يقـولون إن الله - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً -لا يعرف شيئاً من علم العقاب عندما أكتفى بمجرد الجلد على السكر... سبحانك هذا بهتان عظيم .
ومن الذي يجرؤ على ادعـــاء أنه يشرع للناس ، ويحكم فيهم خيراً مما يشرع لهم ويحكم فيهم ربهم سبحانه؟ وأية حجة يملك أن يسوقها بين يدي هذا الادعاء العريض ؟.. أيستطيع أن يقول إنه أعلم بالناس من خالق الناس؟ أيستطيع أن يقول : إنه أرحم بالناس من رب الناس ؟ أيستطيع أن يقول : إنه أعرف بالناس ومصالح الناس من إله الناس ؟... أيستطيع أن يقول : إن الله سبحانه وهو يشرع شريعته الأخيرة، ويرســل رسـوله الأخير، ويجعل رسوله خاتم النبيين ، ويجعل رسالته خاتمة الرسالات ويجعل شريعـتـه شـريـعـة الأبد ، كأنه سبحانه يجهل أن أحوالاً سـتطرأ، وأن حاجات ستجد وأن ملابسات ستقع، فـلـم يحـسـب حسابها في شريعته لأنها كانت خافية عليه ، حتى انكشفت للناس في آخر الزمان!!! ما الذي يستطيع أن يقوله... وبخاصة إذا كان يدعي الإسلام؟
إنه مفرق الطريق ، الذي لا معدي عنه من الاختيار..
إما إسلام ، وإما جاهلية... إما حكم الله ، وإما حكم الجاهلية..
وهذه العلمانية التي وصفنا حالها ، ورأينا واقعها ليست يقيناً حكم الله القائم على الكتاب والسنة... فماذا تكون إلا حكم الجاهلية؟ قال تعالى:
((أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ))
فجعل الله الحـكـم حـكـمـيـن لا ثـالـث لهما : حكم الله... وهو الحكم القائم على الكتاب والسنة،.. وحكم الجاهلية.. وهو ما خالف ذلك
إذن فالعلمانية هي...حكم الجاهلية .
التعليقات
صفحتنا على فيسبوك
نموذج الاتصال
أرشيف المدونة
Ad Home
مشاركات عشوائية
كن على تواصل معنا
آخر المواضيع
كن على إتصال على فيسبوك

المساعد العربي
.jpg)



